إهداء إلى روح زوج خالتي وابنه اللذان راحا ضحية لمرض
تليف الكبد المزمن _ مع العلم
أن 12% من الشعب المصري يعاني من أمراض الكبد المزمنة _ نسأل الله الرحمة لكل فقيد
والشفاء لكل مريض
مأساة
يقول أخي الصغير
أن أبي أخرج من فمه بركة دم
ترى هل ملت الدماء مجرى العروق
فقررت المسير بمجرى الفم
يقول الطبيب ... أيامٌ قليلة
سيرحل أبي بعد أيام قليلة
غدا ً أو بعد غد
وأنا في ركن البيت أعد الدقائق
وأشرب نخب اليأس وأسكر حتى الموت
اشترينا الأكفان والمقبرة
وبايعنا قارئ الصحف
كنتُ حينها لا أقدر على السير
شلّ الحزن قدمي فكنت ُ أزحف
ومات أبي
تاركا ً دمع أمي وصراخ أخي
تاركني هنا مع قطة البيت والعصفور ننزف
الكل هنا كان ينزف
محيطا ً من الدم
ومات ببيتنا الفم
فالصمت مباح
والدمع مباح
والنزف مباح
والذكرى هم ٌ فوق هم
سنابل القمح تسأل عنك يا أبي
بماذا أخبرها
أنك َ رحلت َ نحو السماء لتلقى النبي
وقطة البيت لا تكف عن البكاء
فأعطيها كسرة ُ خبز ٍ وماء
فترفض يدي وتريد يديك لتطعمها
فتموت القطة جوعا ًويصمت خلف الباب المواء
وبعنا الحقل يا أبي وبعنا الدار
فبعدك أجدبت الأرض ومات النهار
ورحنا نبحث عن بيت ٍ نشتريه
بيت ٍ يُنسينا ما مضى ... ننساك َ فيه
ومرت الأيام يا أبتي ثقيلة
وكبر أخي ودخل الجامعة
صار أطول مني
صديقاتي يقولون أن عيونه بارعة
صار مثلك َ يا أبي ... حُلو اللسان
نفس البسمة ... لون البشرة والعينان
أمي قالت ... أضحى طفل الأمس غلام
كانت تشعل كل صباح ٍ عودَ بخور
تجري في أرجاء المنزل
فوق رؤوس الكل تدور
تتعوذ من شر الخلق
وتتعوذ من شر الناس
تمسح يدها وجه شقيقي
ثم تلف لتمسح وجهي
تقرأ في أذني الإخلاص
تدعو الله بأن يحمينا
أن يُبعد عنا الوسواس
جاءت أمي يوما ً تبكي
ثم تهاوت في إعياء
كانت تمسك كف شقيقي
يبصق فوق الأرض دماء
في شفتيه نزيف يسري
بين عيوني بحر دماء
مات شقيقي بين يدي ّ
عل ّ الموت يكون شفاء
مات شقيقي .. كيف سأحيا ؟!
إن حياتي وموتي سواء
ما أصعب يا أبتي يوما
أن أ ُدفن بين الأحياء
لبنى شمس الدين